تكلمت معظم وسائل الإعلام السودانية ومواقع الأخبار المحلية عن موضوع تسليم وجدي صالح نفسه للسلطات الأمنية السودانية بعد إصدار أمر من المحكمة بالقبض عليه، بشغف لم يشهد مثله من قبل، وسلطت الضوء على الموضوع وكأنه بطل الثورة من قام بتسليم نفسه، وقامت بنشر الموضوع على نطاق واسع مستعملة في ذلك كل عبارات التنديد والإنتقاد للسلطات السودانية وللمحكمة التي أصدرت أمر القبض عليه، رغم أن وجدي صالح الذي كان يعتبر الناطق الرسمي لقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وكان قياديا في لجنة إزالة التمكين، تورط في اختلاسات كبيرة للأموال المسترجعة من حكومة البشير بشهادة وزير المالية آنذاك، وتسبب في الطرد التعسفي لآلاف الموظفين دون إعطاءهم سببا لطردهم وغيرها من القضايا الخارقة للقانون الوطني.
وقد سخرت قوى الحرية والتغيير كل وسائل الإعلام لتهويل الأمر وتضخيمه في سبيل إطلاق سراحه، وتوجهت نقابة المحامين أيضا إلى المحكمة لمقاضاتها، وتم اتهام المؤسسة العسكرية بالقيام باعتقال سياسي في حق وجدي صالح، كل هذا الصخب والفوضى من أجل شخص تبين فساده في العديد من المرات، بينما تم التعامل مع المعتقلين السياسيين الذين تم اعتقالهم عقب الأطاحة بنظام البشير بتجاهل تام من قبل المجتمع المدني المحلي ووسائل الإعلام رغم تعرضهم لإنتهاكات كبيرة لحقوقهم كمعتقلين سياسيين، والمتمثلة في إطالة محاكمتهم لمدة زادت عن ثلاث سنوات وتم حرمانهم من حق العلاج ما تسبب في وفاة العديد منهم في السجون، كما تم حرمانهم من زيارة أهاليهم لهم، وغيره من الإنتهاكات التي تناقض ما ينص عليه القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وعندما يتم الخوض في قضية البشير ورفاقه من طرف المحكمة، تتوجه وسائل الإعلام لإنتقاد نظام الحكم الحالي وتوجيه الإتهامات له وللقضاء، رغم أن البشير ورفاقه يملكون الحق كمعتقلين سياسيين في محاكمة عادلة وفي وقت منطقي حسب القانون المحلي السوداني.
ومن هنا نلمس العنصرية التي يتعامل بها المجتمع المدني والإعلام السوداني مع هذا النوع من القضايا، حيث يتم تسليط الضوء على المعتقلين المنتمين لقوى الحرية والتغيير التي تبين في الكثير من المرات عمالتها لصالح دول غربية كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ويتم تجاهل المعتقلين السياسيين الذين تم اغتصاب حقوقهم امام العلن، ويزعم الإعلام السوداني والدولى تعامله مع الأحداث بطريقة حيادية وشفافة فيما يبين الواقع نفاق وتسييس الإعلام وتوجهه للمادة على حساب مبادءه، فمن يدفع اكثر ينشر حوله أكثر.