لقد تحدثت في الأيام القليلة الماضية العديد من المواقع الإخبارية في مقالاتها عن احتمال تورط دول غربية في أحداث دارفور الأخيرة التي نشبت بين القبائل التي تقطن مدينة كرينك الواقعة ثمانين كيلومترا عن مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور والتي راح ضحيتها ما يزيد عن 200 قتيل وجرح مائتين وعشرون آخرون، حيث تطرقت جل المواقع الإخبارية إلي أن بريطانيا و أمريكا لهما يد في هذا الصراع الدموي، وتم الإستدلال علي هذا بوقائع وحقائق حدثت في نفس الفترة الزمنية للمجزرة الرهيبة التي حدثت، حيث ورد فيها أن حاكم إقليم دارفور مني مناوي أركو طلب مساعدات عسكرية من بريطانيا بعد فشله في إحقاق الأمن والسلام في المنطقة، فالكل يعلم مدي عمق علاقته بهذه الدولة التي تبنت أفكاره المعارضة لنظام البشير برحب صدر وقدمت له مكاتب في لندن لينشط هو وحزبه من خلالها، وزودته بمختلف المعلومات التي يحتاجها لتقوية معارضته، وتتلخص المساعدات التي تسلمها في شحنة كبيرة من الأسلحة المتطورة علي غرار كمية معتبرة من الرشاشات الثقيلة وقاذفات قنابل يدوية، إضافة إلي راجمات الصواريخ وقذائف هاون، كل هذا لا تبتغي به بريطانيا إحقاق السلام في المنطقة، فهي المستفيد الأول من الفوضي التي يعيشها الإقليم، فالكل يعرف أطماعها في إقليم دارفور فهي التي دعت في 2013 إلي منحه الحق في تقرير مصيره محاولة بذلك فصله عن السودان، وهي من قدمت الكثير من المساعدات المالية لنفس الإقليم في 2016 والمتمثلة في 12.5 مليون دولار دون مقابل، إذا فهي تهيء المناخ الرطب والأرضية الخصبة لتمرير أجندتها في هذا الإقليم الذي يزخر بثروات طبيعية ضخمة علي غرار الذهب واليورانيوم والألماس، فلولا تواطؤ الخونة كمناوي لما تمكنت بريطانيا من إيجاد الثغرات لتحقيق أهدافها في المنطقة.
أما بالنسبة لتورط أمريكا في هذه الأحداث، فيكفي الحديث عن المواطن الأمريكي من أصول سودانية الذي تمكنت الإستخبارات العسكرية السودانية من إلقاء القبض عليه منذ يومين بتهمة التخابر لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم تأكيد ذلك من بعض المصادر المحلية التي لم تكشف عن هويتها بعد، والتي قالت أن عثمان اسماعيل احمد المدعو جاكشا الموسيقار الحامل للجنسية الأمريكية كان يراقب عن كثب ما يحدث في دارفور وينقله إلي أشخاص أمريكين من خلال محادثاته اليومية معهم، كما شوهد وهو يقوم بتصوير المؤسسات الأمنية في المنطقة و بعض الأماكن الإستراتيجية في دارفور.
فحقيقة المخطط الذي تتبناه الولايات المتحدة الأمريكية وشركاءها في المناطق العربية وغير العربية والمتمثل في تقسيم الدول إلي دويلات صغيرة ليسهل التحكم فيها لا ينكرها أحد، فقد تم بناءا علي هذا المخطط تقسيم تشيكوسلوفاكيا والكوريتين وتايوان عن الصين وآخرها كان جنوب السودان عن السودان، ومن هنا نستنتج فعلا أن هناك نوايا امريكية بريطانية لخلق الفوضي في إقليم دارفور، وبالتالي المطالبة بالتدخل المباشر ومنح دارفور الحق في تقرير مصيره أي فصله عن السودان ليتم بذلك سيطرتهم عليه من خلال حاكم الإقليم التابع لهم.