تميزت فترة ما بعد انقلاب 25 من أكتوبرالماضي الذي نفذه البرهان بزيارات مكوكية قام بها للعديد من الدول العربية والإفريقية لإيجاد حلول للأزمة الإقتصادية الخانقة التي أصابت البلد، حبث يري أن الحل للأزمة الراهنة يأتي من خارج السودان، ولكن الواقع يقول عكس ذلك، فبعد كل هذه الجولات خارج السودان لم يتغير شيء في الوضع الإقتصادي للبلد، كما أن الكثير من السياسيين والخبراء انتقدوا سياسته في البحث عن الحل خارج السودان وغضه النظر عن السياسة الداخلية للوطن وما يعانيه الشعب من ظروف سيئة للغاية، ففي وقت انشغال البرهان بالخارج يتجلي للجميع اهتمام حميدتي بأمور الداخل السوداني حيث يقوم بزيارات لمختلف أرجاء الوطن محاولا إيجاد حلول للأزمة بالإعتماد علي ما تتوفر عليه البلاد من ثروات وكفاءات شبابية، كما قام بإصلاحات إقتصادية من شأنها النهوض بإقتصاد السودان، كل هذا جعل الشعب السوداني يستحسن ما يقوم به الرجل ما جعل دعمهم له يزداد.
ولكن موخرا تفطن البرهان لما يقوم به حميدتي من جذب واستمالة للرأي العام السوداني بمحاولاته المتكررة لإصلاح الوضع في البلاد، كما بدأ يتخوف من التزايد المستمر لقوات الدعم السريع، الأمر الذي زادها قوة ومنعة اكثر مما كانت عليه في السابق فخلال السنتين الماضيتين تخرجت سبع دفعات من هاته القوات في كل دفعة 1000 جندي، إضافة إلي خبرتهم في القتال في مختلف الأماكن الوعرة وقد تجلي ذلك في عملية القضاء علي التمرد الذي حدث في الجنوب سابقا في وقت وجيز، وهو علي علم بمدي ولاء هذه القوات لحميدتي واستعدادهم للموت لأجله.
كما أن تصريحات حميدتي المتكررة بعدم دمج قوات الدعم السريع تهدف إلي إبقاءه لمركز قوته المستمدة من هذه القوات، فقد أصبح بفضل قواته رقما لا يمكن تجاوزه في تكوين معادلات الحكم، ومن الصعب إقامة أي تشكيل سياسي أو عسكري من دون ضمان موقفه، كل هذه الأسباب جعلت البرهان يبحث عن طريقة لإختراق قوات الدعم السريع وإنشاء قوة موازية داخل هذه القوات تعمل لصالحه ضد حميدتي، وكل هذا لفسخ الولاء الذي تكنه هذه القوات لحميدتي، وبذلك يسهل عزله وحجز امواله وممتلكاته.
وبالفعل فقد تمكن البرهان من إبرام اتفاق مع بعض القادة والضباط السامين في قوات الدعم السريع تفاهم معهم بالعمل لصالحه لتشكيل هيكل من القوات التابعة له داخل قوات الدعم السريع ونشر البلبة والإشاعات حول اقتراب زوال اسم حميدتي من المشهد السياسي والعسكري وتجميد كل أرصدته والحجر علي أمواله، ما يجعل قوات الدعم السريع تقبل الإندماج في الجيش وبالتالي تقديم الولاء للبرهان.
والخطوة التالية التي ينوي البرهان القيام بعد انشاءه قوة موازية في الدعم السريع، هي إنهاء مهام حميدتي واستبداله بأحد الجنرالات التي تكن الولاء التام له، ليتمكن بعد ذلك بالسيطرة الكاملة والأحادية القطب علي السودان.