لقد تبين من خلال التغييرات التي قام بها البرهان في سلك المخابرات السودانية بعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر الفارط، تركيزه علي التحكم في هذا الجهاز الحساس والذي من خلاله يمكنه المحافظة علي كرسي الحكم وإرساخ قدميه في قصر الرئاسة، فبعد انهاء مهام كل القادة العسكريين في هذا الجهاز والذين يري أنهم يشكلون تهديدا له علي غرار مدير الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش السوداني ياسر محمد عثمان ومدير المخابرات العامة جمال عبد المجيد، في حين قام بتعيين الأشخاص الذين يري بأنهم يُكّنون له ولاءا تاما علي غرار الفريق أحمد مفضل مدير جهاز المخابرات العامة الحالي.
منذ أكثر من عامين وحتى اليوم و المواقع الإخبارية تتداول أنباءا عن وجود خلافات حادة بين رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان، والنائب الأول محمد حمدان دقلو، كان آخرها خلال زيارته لمصر مصطحبا معه مدير المخابرات الجديد أحمد مفضل حيث أعرب للرئيس المصري عن قلقه لتحركات حميدتي الأخيرة داخليا وخارجيا منوها إلي أن حميدتي يدبر له شيئا ما، وحسب خبراء ومحللين سياسيين فإن هذه الخلافات ليست مجرد إشاعات أو توقعات بل هي موجودة ولا ينكرها أحد ولكن لم تتطور بعد إلي مرحلة الإشتباك المباشر.
إذا فالهدف من تركيز البرهان علي جهاز المخابرات وإعطاءه جميع الصلاحيات التي نزعت منه بعد الإطاحة بالبشير والمتمثلة في حق الدخول لأي مبنى أو تفتيشه، أو تفتيش الأشخاص، وفرض رقابة على أي ممتلكات أو منشآت، والحجز على الأموال، هو استخدامه كأداة جديدة وسلاح ضد “حميدتي”، فالمخابرات هي الجهاز الوحيد القادر علي جمع كل المعلومات المتعلقة بحميدتي ومراقبة تحركاته والتجسس علي مكالماته.
في الوقت الراهن باشرت المخابرات السودانية بالعمل مع مخابرات عربية وغربية بتعليمات من البرهان بجمع معلومات محددة تخص النائب الأول والدائرة التي حوله، بهدف المساس بشخصه لتشويه سمعته وسمعة قواته، وذلك لإظهاره بصورة سيئة أمام الرأي العام السوداني والعالمي، ما سيجعل كل الشعب السوداني والأحزاب والحركات تطالب بتنحيته و إبعاده عن السلطة.
كما أن سياسة البرهان بالزج بحميدتي وتكليفه بحل مشاكل السودان الداخلية والمعقدة خصوصا تلك المتعلقة بالإقتصاد المتدهور والمنهار والذي يصعب إصلاحه في فترة قصيرة، تهدف إلي وضع حميدتي في مواجهة مباشرة مع الشعب الذي يعاني الويلات تلو الويلات في ظل الأزمات الإقتصادية الخانقة التي تسبب البرهان فيها، كما يريد البرهان بهذا أيضا تصغير حجم حميدتي وتقليص صلاحياته الخارجية في ظل انشغاله بالأوضاع الداخلية للبلاد.