تعاني السودان الآن من وضع إقتصادي هش وعدم استقرار سياسي طويل الأمد مصحوبا بعدم استقرار أمني، إضافة إلي كثافة من الإلتزامات السياسية ذات الكلفة الباهظة، مثل اتفاق سلام جوبا، الذي من بين بنوده دمج أفواج الحركات المسلحة الموقعة علي الإتفاق في الجيش النظامي ما سيجعل الدولة تزيد من ميزانية الجيش وهو ما تعجز عن تحقيقه في ظل الظروف الخانقة التي تمر بها البلاد، ما جعل أفواج الفصائل المسلحة تدخل العاصمة بدون دمجها في الجيش وتركها بدون مأوي أو مرتبات ما تمخض عنه انفلات امني خطير في العاصمة وولايات أخري من الوطن، تجسد ذلك في عمليات خطف ونهب وسرقة في العاصمة وأشار مواطنون إن معظم منفذي حوادث الانفلات يرتدون أزياء عسكرية، ما جعل الخبراء الأمنيين يرجحون أن الإنفلات الأمني الذي تشهده العاصمة هو من عمل هذه الفصائل الموقعة علي إتفاقية جوبا، لتضاف إلي رصيد سياسات البرهان الفاشلة الذي يعد هو المسؤول الأول عن حدوث هذا الإنفلات.
كما أن الكثير من الأطراف المشاركة والغير مشاركة في اتفاق جوبا لم يرقها الوضع الراهن للبلاد وذلك بسبب الكارثة الحالية التي تسبب فيها البرهان بتطبيقه لحزم من القرارات والسياسات الفاشلة حيث لم يراع فيها على الإطلاق ما يمكن أن تنجم عنه من آثار كارثية تؤدي في نهاية المطاف إلى نسف استقرار المجتمع في الدولة.
إن سخط الشعب والحركات والأحزاب علي البرهان يزيد يوما بعد يوم، فوضع البرهان الآن أصبح حرجا للغاية، ليستغل حميدتي الموقف لصالحه حيث قام بعقد اتفاق سري مع الحلو وعبد الواحد نور ينص علي افتعال واختلاق نزاعات في مناطق مصالح البرهان، لينجم عنه انسحاب باقي الحركات المسلحة من اتفاق جوبا، ليزيد بذلك وضع البرهان سوءا وحرجا في نظر المجتمع الدولي والرأي العام السوداني وبأن بقاءه سيزيد من خطورة الوضع وعدم استقرار البلاد، ما سيدفعهم للمطالبة برحيله عن الحكم، وفي مقابل ذلك ستحظي حركتي الحلو وعبد الواحد نور بمناطق نفوذ جديدة ودعم مالي جديد أيضا وهذا ما وعدهم به حميدتي. ليس هذا وحسب بل قام حميدتي بعقد لقاءات سرية خلال زيارته لشرق السودان مع قادة قبائل البجا والعمادات المستقلة طالبهم فيها بالإتحاد علي رأي واحد والوقوف في وجه البرهان، ومطالبته بالرحيل عن الحكم وذلك لما جلبه من عدم استقرار للمنطقة، وتهميشهم في اتفاق جوبا بعدم انصافهم ومنحهم حصة ضئيلة من السلطة والثروة في الشرق، لتتعالي الأصوات بذلك من كل صوب وحدب في اتجاه واحد وهو تنحية البرهان، وهم الآخرون وعدهم حميدتي بحكم ذاتي للشرق مقابل التعاون معه.