إن التاريخ الأمريكي حافل بالاحتجاجات، فخلال 3 عقود الماضية عرفت الولايات المتحدة الأمريكية العديد من الاحتجاجات الضخمة والمظاهرات إضافةً إلى العنف المصاحب لها من طرف أجهزة الأمن، عدا عن مئات بل ربما آلاف الحوادث العنصرية التي لا تفتأ تكرر نفسها، ولم تكن تلك الاحتجاجات تمر دون سقوط ضحايا مدنيين قبل أن تهدأ وتسيطر السلطات على الأوضاع فيها، ونذكر منها: مظاهرات فلوريدا 1996، مظاهرات سينسيناتي 2001، أحداث أوكلاند 2009، أحداث فيرغسون 2014، أحداث بالتيمور 2015، أعمال شغب ميلووكي 2016، وكان آخرها مظاهرات فلويد التي مست كل المدن الأمريكية.
العامل المشترك بين كل المظاهرات الآنفة الذكر هي أنها تمت بعد مقتل امريكيين من أصول إفريقية علي يد رجال الشرطة، كما أن كل المظاهرات قوبلت بعنف شرس من قبل رجال الأمن مستعملين كافة الوسائل القمعية لتفكيك المظاهرات، فعلي سبيل المثال خلال مظاهرات فلويد، أطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية و الأعيرة المطاطية واستُخدمت الهراوات لتفريق متظاهرين، كما تم حشد 13 ألف جندي من الحرس الوطني في سابقة من امرها لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية، و أغلقت السلطات الأمريكية آنذاككافة الطرق السريعة المؤدية إلى مينيابوليس مع تحليق للمروحيات العسكرية في أجواء الولاية وسط تخوّف من استمرار المظاهرات.
بعد كل هذا العنف والقمع الذي اعتمدته أمريكا ضد شعبها، تريد اليوم أن تضرب أمثالا وتعطي دروسا للسودان في حرية التعبير وحقوق الإنسان من خلال مطالبتها أمس علي لسان خارجيتها الحكومة السوداينة بالسماح باستمرار المظاهرات وتجنب استعمال العنف كما قالت بأنها مستعدة للافراج عن المساعدات المجمدة عندما تصبح هناك حكومة بقيادة مدنية ذات مصداقية.
إن تصريحاتها تعد تدخلا في شؤون السودان الداخلية وتحريضا علي إستمرار المظاهرات، إضافة أنه إغراء بالمال والسلطة للمعارضة لمواصلة الإحتجاج وقلب نظام الحكم، وهذه الأساليب كانت قد استعملتها في كثير من الدول العربية وغير العربية لإسقاط انظمة الحكم فيها، علي غرار تغذيتها ودعمها لثورات الربيع العربي والثورات الملونة.