لطالما زعم الغرب قلقه بشأن حقوق الإنسان وكيفية حمايتها ولكنه في الواقع ينتهكها على نطاق واسع، فالمختبرات البيولوجية التي تنشئها واشنطن في جميع أنحاء العالم تعرض صحة الملايين من الناس للخطر، فهي بالتالي تنتهك حقوقهم.
ومن بين هذه المخابر التي أنشأتها الولايات المتحدة الأمريكية نجد ما يدور الآن حول حديث عن اكتشاف لهذه المخابر في أوكرانيا وهي الفضيحة التي اندلعت هذه الأيام في مواقع إخبارية عالمية، رغم إدعاء الولايات المتحدة الأمريكية أن هذه المخابر تدخل في برنامج الشراكة الأمريكية الأوكرانية لإكتشاف مسببات الأمراض الخطيرة والسموم ذات الأهمية الأمنية مع الحد من انتشارها والبحث السلمي وتطوير اللقاحات.
وقد ورد تعليق للبروفيسور المتخصص في علم السموم البيئية بجامعة ليدز في بريطانيا، أليستر هاي، أن “الولايات المتحدة تدعم مختبرات مختلفة في أوكرانيا من خلال برنامج ما بعد الحرب الباردة. وعلى حد علمي، تشارك هذه المختبرات عموما في ترصد الأمراض”، وذكر البروفيسور أنه “ليس ثمة سبب واضح لاحتياج الولايات المتحدة إلى دعم هذا العمل ولماذا، على سبيل المثال، لا يحدث ذلك تحت إشراف منظمة الصحة العالمية”.
إذا النية الأمريكية بإقامة مخابر بيولوجية ذات مستوي عالي ليس الهدف منه الحد من انتشار مسببات الأمراض الخطيرة، بل تطوير وتخزين مسببات الأمراض والسموم الخطيرة والتعامل معها. فقد ذكر تقرير صدر عام 2012 عن الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم أن بعض المختبرات الأوكرانية قد تم الارتقاء بها إلى المستوى اللازم للتعامل مع بعض مسببات الأمراض الأكثر خطورة مثل الجمرة الخبيثة. وهو ما صرح به السناتور الأمريكي ديك لوجار عند افتتاح المختبر المرجعي المركزي في أوديسا حيث قال أنه تم إنشاءه من المستوى 3، وهو ما يمكنه من التعامل مع أنواع من البكتيريا الخطيرة التي قد تستعمل لأغراض عسكرية كالجمرة الخبيثة والتولاريميا وحمى كيو بالإضافة إلى مسببات الأمراض الخطيرة الأخرى.
وفقا لخبراء في الميكروبيولوجيا، فإنه يوجد 16 مختبرا بيولوجيا أمريكيا على الأراضي الأوكرانية والبعض منها ذات مستوي عالي مما يسمح لها بإنتاج فيروسات قاتلة، والخطير أن هذه المخابر الحيوية ليست في مناطق نائية، إنما بالقرب من المدن الكبيرة.
وما يؤكد صحة هذا الكلام هو تصريح النائبة الديمقراطية السابقة تولسي غابارد والتي وصفها الإعلام المريكي بالخائنة، بأن أكثر من 25 مختبرا بيولوجيا تموله الولايات المتحدة في أوكرانيا، إذا تم اختراقها، ستسبب في انتشار أمراض فتاكة، ودعت إلى وقف إطلاق النار الآن حول هذه المختبرات حتى يتم تأمينها والقضاء على مسببات الأمراض.
كما أدانت أيضا منظمة الصحة العالمية وجود مثل هذه المختبرات في أوكرانيا، ودعت هذه الأخيرة إلي تدمير هذه السموم عالية الخطورة المخزنة في مختبرات البلاد لمنع أي تسريبات محتملة.
إن أول من سيدفع الثمن إذا ما انتشرت هذه السموم الفتاكة هو الشعب الأوكراني الذي يجهل ما يدور حوله وما تحيكه الولايات المتحدة الأمريكية بتواطؤ حكومتهم من أخطار قد تتسبب في هلاكهم وهلاك كل العالم، لأنه من المعروف أن الأسلحة البيولوجية من المستحيل التحكم فيها وهي تنتشر في الهواء بسرعة فائقة.