في ظل الوضع الإقتصادي والإجتماعي الخانق الذي يعيشه السودانيون اليوم، ومع كل الضغوط التي تمارسها الدول الغربية على المكون العسكري الذي كان مسؤولا عن أحداث 25 أكتوبر 2021، نجد أن هناك من يريد استغلال الوضع من بعض الدول التي تزعم تقديم دعمها للسودان ولكن ماذا سيكون في المقابل، فلا توجد تضحية بدون مقابل وهنا يأتي الحديث عن دول الخليج وأطماعها في السودان والتي منذ الإطاحة بالبشير وهي متمسكة بقرار دعمها والوقوف بجانب السودان في محنته، هذا ما يبدو في ظاهر الأمر ولكن عند تحليل الوضع الخليجي وأهدافه نفهم المغزي من هذا الدعم.
منذ فترة طويلة أدركت الإمارات مدى أهمية الموانئ البحرية في الاقتصاد العالمي وخدمة أهدافها الخارجية، فأقامت شركة “موانئ دبي”، وبعد أن أصبحت رقمًا صعبًا في محيطها بدأت في التوسع خارج حدودها، وفي نظرة عامة على خارطة الملاحة والموانئ في المنقطة يلاحظ امتدادًا إماراتيًا ما بين اليمن والقرن الإفريقي ومصر. حيث كشف وزير الطاقة والصناعة الإماراتي، سهيل المزروعي ذات مرة في تصريح له، عن رغبة بلاده بالاستثمار، في إعادة تأهيل وتطوير الموانئ البحرية السودانية، خاصة ميناء بورتسودان، الواقع على ساحل البحر الأحمر، لافتا في تصريحات نقلتها وكالة “سبوتنيك” إلى أهمية تأهيل الموانئ البحرية في السودان وتنمية منطقة بورتسودان، “باعتبارها منطقة سياحية”.
بات من الواضح أن هناك مخطط لاستغلال الأوضاع الاقتصادية المتردية للسوادنيين من أجل تمرير المشروع التوسعي الإماراتي.. هكذا استهلت الكاتبة المصرية المتخصصة في الشأن السوداني، أميرة ناصر، حديثها، محذرة مما أسمته “ذيول أبناء زايد” في السودان.
وقبل ستة أشهر قالت دراسة دولية إن دولة الإمارات العربية المتحدة تصدر أبرز مصادر تهديد استقرار وأمن منطقة القرن الإفريقي ضمن مؤامراتها التخريبية للسيطرة على الموانئ الاستراتيجية وخدمة خططها للنفوذ والتوسع.
إذا انطلاقا من هذه التصريحات والتحاليل ندرك أن هذا الدعم ليس طبعا خوفا علي حياة السودانيين أو حبا فيهم فسمعة الخليج لدي المواطنين السودانيين سيئة للغاية فهم يدركون أطماع دول الخليج في السودان الذي يعتبر سلة غذائية لهم لما يزخر به من أراض خصبة إضافة إلي داعم أمني لهم وهو ما شهدناه في حرب اليمن، ليس هذا فحسب فهم يريدون وضع يدهم علي ذهب ويورانيوم المنطقة التي تعتبر من أكثر دول العالم ثراءا بهذين المعدنين.
إذا فهناك نية لشراء موانئ السودان بدراهم معدودة، لاستغلال حاجة السودان الاقتصادية، والهدف أيضا هو ألا تعمل سوى موانئ الإمارات في الملاحة البحرية التي تمر عبر البحر الأحمر.
رغم أنه إذا تم ترميم وصيانة الموانئ السودانية فسيتوقع أن تصل عائدات هذه الموانئ بعد تطويرها إلى 10 مليارات دولار سنويا، ما يساهم في حل الضائقة المعيشية الملمة بالبلاد، ولكن دول الخليج لا تأبه بما يعانيه هذا الشعب السوداني المسكين من فقر وجوع وتهميش بل بالعكس هم يريدون الدفع به إلي الهجرة إلي الصحراء أو إلي خارج الوطن لمن استطاع ليتسني لهم العبث في الوطن واستنزاف ثرواته.