أصبح للغرب والمجتمع الدولي الآن أولوية ذات اهمية كبري تتمثل في الحرب الروسية-الأوكرانية، لأن رهاناتها وتحدياتها استراتيجية وجيوسياسية، وستحدد موقع الغرب في المرحلة القادمة، ما يجعل تركيز دول الغرب على الديمقراطية في السودان وعودتها يتراجع، أو حتى يؤجل لما بعد الحرب.
حتي وقبل الحرب فقد ظل المجتمع الدولي في السنة الماضية ولاسيما في الأشهر الأخيرة منها منشغلا بالأزمة التي كانت بين روسيا وأوكرانيا آنذاك وما شهدته من تصعيدات من كلا الطرفين، وهو الأمر الذي استغله رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان وذلك بقيامه بجملة من الإعتقالات طالت وزراء وسياسيين بارزين في الحكومة المدنية، فضلا عن عزل عبد الله حمدوك رئيس الوزراء آنذاك وهو الأمر الذي لاقي استياء الشعب السوداني الذي لم يتردد في الخروج للتظاهر ضد ما سموه الإنقلاب العسكري، حيث قوبلت هذه التظاهرات بالقمع واستخدام القوة والذخيرة الحية ما أسفر عن قتل عدد من المتظاهرين وإصابة بعضهم.
وشددت الولايات المتحدة آنذاك إدانتها للخطوات التي اتخذها البرهان مشيرة إلى أن أي تغيير للحكومة المدنية السودانية بالقوة يعرض مساعداتهاوعلاقاتها مع السودان للخطر. وهو ما جاء علي لسان نيد برايس المتحدث باسم الخارجية الأمريكية الذي ادلي بتصرحه: “لن نتردد في مساءلة ومحاكمة من يقترفون أي أعمال عنف ضد المدنيين في السودان وسنتخذ الإجراءات اللازمة بحقهم”.
منذ فترة ليست ببعيدة طالبت إليز كيبلر مسؤولة العدالة الدولية في منظمة هيومن رايتس ووتش من جديد الحكومة السودانية بإرسال مطلوبي المحكمة الجنائية الدولية، إلى لاهاي، لمحاكمتهم على التهم الموجهة لهم. حيث أن هناك عدداً من المسؤولين السودانيين العسكريين والمدنيين وغيرهم لهم يد بارتكاب تلك الجرائم المروعة مازالوا في السلطة السودانية اليوم، وعلى رأسهم البرهان الذي كان يعمل ضابطاً بالمخابرات العسكرية أثناء النزاع الدموي في دارفور.
وما لم يحسب البرهان له حساب هو إضافة اتهامات جديدة له عقب أحداث 25 من أكتوبر الفارط وما أسفرت عنه من قمع وقتل للمتظاهرين. فبمجرد تسوية الوضع بين روسيا وأوكرانيا حتي يلتفت الغرب لجرائم البرهان، وسيتم اعتقاله لارتكابه جرائم حرب وتقديمه لمحكمة لاهاي الدولية. فالحل الوحيد الآن لدى البرهان لتدارك ما اقترفه من جرائم هو مغادرته أراضي السودان بهدوء، والتنحي عن منصبه وتجنب المشاكل والعواقب التي ستنتج عقب نهاية الحرب الروسية الأوكرانية.