Bukra News
No Result
View All Result
Bukra News
No Result
View All Result

ساعات الجلوس للحوار الوطني

2022/02/22
ساعات الجلوس للحوار الوطني

الحوار بين القوى السياسية “المدنية” للحرية والتغيير (مكونات المجلس المركزي والحزب الشيوعي)، قوى المقاومة الشبابية (لجان المقاومة)، قوى الكفاح المسلح (الحركة الشعبية شمال- الفريق عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان- القائد عبد الواحد النور)، والكيانات الأخرى فاعِلة. فالمقال ليس معنياً بالحوار بين هذه القوى المناهضة لانقلاب فض الشراكة والسلطة الحاكمة، ما لم يقتضي السياق. بل، يهدف إلى تحرير الخلاف بين هذه القوى، وإلى دعوتها للتفكير في ضرورة نشوء “كتلة سياسية حرجة”، تضع عملية التغيير في المسار الصحيح، والشروع عاجلاً في الجلوس للحوار حول أجندةٍ مُحددةٍ. في رأيي، أنَّ الظروف الراهنة للصراع السياسي في البلاد لا تسمح بإستنساخ مفهوم “الكتلة التاريخية”، بالمعنى الذي طرحه أنطونيو غرامشي ، والتي ضمّت قوى التغيير والإصلاح في شمال إيطاليا، من ماركسيين وشيوعيين وليبراليين، والقوى الريفية المهيمنة في الجنوب، بما فيها الكنيسة. وهذا لا يتسق مع واقعنا، الذي يحتضن جماعات سياسية أخرى لها منطلقات إيديولوجية وقواعد مجتمعية مختلفة ومتباينة.إنَّ انقلاب فض الشراكة، في 25 أكتوبر 2021، قد أطلق ديناميات الخلاف السياسي من عقالها، وعدَّلَ موازين القوى لصالح القوى الداعمة للانتقال السلمي الديمقراطي، إن عملت القوى السياسية وحركة المقاومة الشبابية على توحيد أطرافها، وتوافقت على معالجة خلافاتها ورمَّمتَ تشققاتها، من أجل صيانة العملية الانتقالية. وربما من أهم افرازات الانقلاب، هو توسيعه للهوة وتعميقه للانقسام بين أطراف قوى الحرية والتغيير (المدنية) التى وقعت على الوثيقة الدستورية الانتقالية. فلم يَعُد الصراع السياسي فقط بين المجلس المركزي، ومجموعة الميثاق الوطني، لقوى الحرية والتغيير، من جهة، وبين قوى المجلس المركزي والمكون العسكري في مجلس السيادة، من جهة أخرى.

فقد أطل الخلاف القديم بوجهٍ سافرٍ بين الحزب الشيوعي وحلفائه من أحزاب وتجمع المهنيين، من ناحيةٍ، وأطراف قوى الحرية والتغيير المشاركة في الحكومة (حزب الأمة، البعث، التجمع الاتحادي، المؤتمر السوداني، وحلفائهم من الأحزاب وتجمع المهنيين- السكرتارية المنتخبة)، من ناحيةٍ أخري. ففي رأيي، أنَّ وصف انشقاق قوى الحرية والتغيير بأنه ينحصر بين هذه الأطراف الأربعة (ما درج على تسميته ب”أربعة طويلةّ”) وأطراف الجبهة الثورية (الحركات المسلحة) المشاركة في الحكومة، غير دقيق.

إذن، فالخلاف الذي نشبَّ بعد الانقلاب لم يكن بين شركاء الحكم المدنيين وأطراف العملية السلمية (الحركات المسلحة، وتحديداً حركتي تحرير السودان والعدل والمساوة) المشاركين في الحكومة الانتقالية، بل هو بين الداعين للعودة إلى وضع ما قبل 25 أكتوبر وأولئك المطالبين بصياغة وثيقة دستورية جديدة. وثانياً: لم يَعُد الخلاف بهذا العنوان مُقتصراً على أطراف تحالف قوى الحرية والتغيير بل تعداهم ليشمل: الحركة الشعبية (بقيادة الفريق عبد العزيز الحلو)، وحركة تحرير السودان (بقيادة عبد الواحد النور)، قطاعات واسعة من لجان المقاومة، والعديد من التنظيمات الشبابية وأحزاب وكيانات أخرى، كُلها دَانَت الانقلاب بوضوحفهكذا، منذ بداية النصف الثاني من الثمانيات، أقامت الحركة الشعبية تحالفات مع جميع القوى السياسية الحديثة والتقليدية، بغرض المضي قدماً بعملية البناء الوطني. ولعبت الحركة  دوراً محورياً  في جمع هذه القوى في وقت مبكر في كوكادام (إثيوبيا)، مارس 1985، حتى أصبحت عضواً فاعلاً في التجمع الوطني الديمقراطي. وبِحكم الظروف الموضوعية آنذاك كانت غالب اجتماعات الحركة مع القوى السياسية تُعقد خارج السودان، أما الآن فقد تم تفويض قيادة للحركة في المناطق التي تُسيطر عليها الحكومة. فما الذي يمنع قيادة الحركة الشعبية شمال من المشاركة في الحوار التمهيدي مع بقية القوى التي تشترك معها في الموقف من الانقلاب، وما تبعه من تداعيات؟ وخصوصاً، أن للحركة تفاهمات مُسبقة مع عددٍ من القوى السياسية، من بينها الحزب الشيوعي، وتجمع المهنيين، والحزب الاتحادي الديمقراطي (الذي ظل يدعم موقف الحركة الشعبية حول قضية الدين والدولة منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي)..أختم، بأنَّ الإرادة السياسية الوطنية، وديناميات الصراع السياسي وموازين القوة، هي التي ستحدد كيف تتم عمليتي الإسقاط والتغيير هذه المرة، خاصة في ظل ثورة ما زال أوارها يَلفح، وسلام لم تكتمل حلقاته بعد”. وحقيقة، لا أدري لماذا لا تستشعر جميع هذه القوى المسؤولية وتتواضع على الجلوس مع بعضها البعض، ولو في حوار تمهيدي حول أجندة محددة، يستدعيه إنسداد الأفق السياسي الذي تكابده البلاد؟ فالقوى السياسية، التجمع الوطني الديمقراطي، التي كانت تعارض نظام الإنقاذ، لم تتوصل إلى مؤتمر القضايا المصيرية إلاَّ بعد سلسلة من جلسات الحوار والتفاهمات الثنائية (1990-1995)، في القاهرة ونيروبي وشقدم وأديس أبابا، حول قضايا مُحددة حتى تمت صياغة مُخرجاتها مُجتمعةُ في مُقررات أسمرا.إذا كان شعار لا شراكة ولا تفاوض ينطبق على العلاقة بين هذه القوى السياسية والمكون العسكري، فينبغي أن لا تُطبقه هذه القوى المناهضة للانقلاب للقطيعة بين أطرافها. فالحوار بينها هو الطريق الوحيد والسليم للإعداد وللاستعداد للتفاوض مع المكون العسكري، في حالة خروج اللجنة الأمنية من المشهد (كما هو مرغوب)، إلا إذا كان عدم التفاوض خياراً أبدياً. وبنفس القدر، فإنَّ هذا الحوار هو الذي يُحدد موقف هذه القوى للتعامل مع المجتمعين الإقليمي والدولي. وأخيراً، كما نطالب الإسلاميين بالمراجعة ونقد الذات، فلا يستقيم أن لا تستفيد هذه القوى السياسية من تجاربها التاريخية وأن لا تُخضِع تجربتها، خلال الفترة الماضية من الانتقال، للدراسة، فإعادة انتاج سيناريو أبريل 2019،  لن يثمر إلاَّ عن نتائجٍ أسوأ.

ShareTweetShareSend

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

METRICS

© 2021 Bukra News