ذكرت بنت البوشي وعمر قمر الدين وردا فيما سرّبته تشلسي لجوليان أسانج من وثائق. وفي وثائق أخرى وردت أسماء جواسيس كُثُر من قيادات مؤتمر سوداني وحزب أمّة وشيوعيين وجمهوريين، وجملة قحاتة أكرم الله السامعين. وعبر الجواسيس المحترمين سعت الولايات المتحدة الأمريكية لإسقاط البشير ومنذ 2011م ( عام انفصال الجنوب) اتخذت ما يسمى منظمات القوة الناعمة «Soft Power Organizations» سبيلاً أكثر سرية وأضمن رغم أنه طويل شيئاً ما. في ذلك العام تلقّت المعونة الأمريكية تمويلاً للعمل بالسودان ، وشرعت بالتنسيق مع وقف دعم الديمقراطيي في توسيع شبكة المنظمات التي وظفتها لتقضي منها وطرها، حتى غطت ولايات السودان الثماني عشر لتعمل عبر عملائها العاملين في منظمات. وقبل ذلك، ووفقاً لبرقية – سربتها تشلسي- أرسلتها السفارة الأمريكية بالخرطوم للخارجية الأمريكية في ديسمبر 2008م تقول فيها: إنها نسقت مع الحركة الشعبي للانقلاب على البشير. لاحظ أن ذلك جرى بعد توقيع الحركة الشعبية لاتفاق نيڤاشا مع البشير!! و إن الحركة الشعبية التزمت بالبحث عن ضابط ينقلب على البشير بشرط أن « يضمن اهتمامات ومشاغل الغرب في السودان»!!! إن الحركة الشعبية تتمنى أن تقوم كل من أميركا وبريطانيا وفرنسا بفعل عنيف ضد البشير في غضون الشهور القليلة القادمة. الذي تحدث وقتها مع القائم بالأعمال الأمريكي «ألبرتو فرنانديز» كان كل من «دينق ألور» وي«اسر عرمان». ولكن تلك الخطة لم تؤت أُكلها حتى وصول «أوباما» للبيت الأبيض في 2009م. وقد رأت إدارة «أوباما» أن فصل الجنوب سيحرم السودان من 75% من النفط وسيكون لهذا أثر كبير في إضعاف الاقتصاد، ومن ثَم إضعاف الحكومة، فتبنت هذا الخيار، بل لعبت فيها دوراً وُصِفَ بأنه «شاذ» في حجمه «Outsized Role» ، وأعانتها على هذا الدور كل الأحزاب التي كانت تعارض البشير، رغم كذبها الآن وادعائها أن البشير هو من فصل الجنوب. حدثني مدير إحدى شركات النفط أنه التقى عوض الجاز ذات يوم في النصف الثاني من التسعينات بمجرد خروج وفد من الكنجرس الأميركي من اجتماع معه، وقال: إن عوض الجاز قال له: إن هؤلاء المجرمين غاضبون من دخول الصينيين في مجال النفط في السودان، وإنهم قالوا له: هذا البترول استخرجته شيفرون الأمريكية وأنتم أعطيتموه للصينين وستدفعون ثمن ذلك!!! وحقيقةً فقد كان للأمريكان مطامع في نفط السودان الوفير. وحدثني المدير نفسه أن الأمريكان قالو: إن السودان يتربع في بحيرة نفط لكن عدم استقرار الجنوب لم يمكنهم من الاستثمار فيه فيما بعد. لكن إسرائيل جازفت ووقعت اتفاقية بترولية مع الجنوب في 2013م، وهو العام الذي وقعت فيه مظاهرات ضخمة ضد البشير، وتحدثت تقارير أن أميركا ودول إقليمية ضلعت في تمويل قياداتها!!! و«المعونة» لم تمول مشروعات تنمية أو إعمار في أي مجال يذكر. ونفيد أن «المعونة» أخذت تزيد في الميزانية المخصصة للسودان من 93 مليون دولار في إلى 135 مليون وأخذت تُصاعدها إلى أن بلغت 197 مليون دولار كان هذا هو العام الذي اندلعت في آخره الاحتجاجات ضد حكم البشير. لعبت أخطاء حكومة البشير (مثل استضافة بن لادن وبعض خروقات حقوق الإنسان وبعض تصريحات البشير النارية) في إعطاء المعارضة السودانية ذخيرة لضرب صورة النظام والتحريض ضده، بعد تضخيم تلك الأخطاء والمبالغة فيها.. بل إنها اختلقت أشياء من العدم مثل تجارة الرق في الجنوب، واضطهاد المسيحيين في كل السودان، وإنتاج مصنع الشفاء لأسلحة كيماوية، وأكذوبة الإبادة الجماعية في دارفور، لتفاقم من نيران العداء ضد البشير. وعمل معارضو البشير في أميركا، ومعظمهم من الشيوعيين، وفي السنوات الأخيرة بعض الجمهوريين، في تناغم عجيب مع جماعات اللوبي الصهيوني وجماعات اليمين المسيحي المتطرف والكتلة السوداء في الكونجرس، وكُتبت التقارير لأعضاء الكونجرس ومنظمات حقوق الإنسان. كما عمل بعض أعضائها مع منظمة «برندرقاست» في تحالف إنقاذ دارفور، ومنظمة كفاية. وهم يتفاخرون بكل ما عملوا، غير آبهين بما يجرونه من ضيق على مواطني السودان، أو صورة السودان خارجياً. وتضافر جهدهم هذا مع جهد المنظمات التى تمولها «المعونة » و«الوقف» في السودان، خاصة عبر عشرات منصات السوشيال ميديا الـمُمَوّله التي أقنعت الشباب خاصة أن «الكيزان حرامية» برسائل محكمة الصياغة وحارقة خارقة للعقول – خاصة الشابة – ودون أن تتيح لها مجالاً للتفكير السوي المنطقي. وللحقيقة فقد أهمل نظام البشير الشباب، خاصة أن رسالته الإعلامية كانت جاهلة بمِيُول وتوجهات الشباب الفكرية والنفسية، وأوكل أمرها لمن يُحسن دور «الحَكّامَة » لا أن يخاطب شباباً فتح الإعلام الحديث والتقنية آفاقه على عوالم جديدة. وهذا جانبٌ كان فارغاً، فبرع عملاء السفارات والمنظمات بملئه بما شاؤوا.