عندما يجري الحديث حول تسليم بشير لمحكمة الجايات الدولية تصدر أراء مختلفة وتحليلات كثيرة ومطالب متباينة بين صفوف المواطنين وحتى وسائل الإعلام والمواقف الرسمية، وهذا يدل على التعقيدات الصعبة التي تحيط بهذه الخطوة .
يستند المطالبين بتسليم البشير للمحكمة على المطالبات الشعبية وعلى أن هذه الخطوة أحد مطالب ثورة ديسمبر ويجب على المسؤولين القيام بها تحقيقا لأهداف هذه الثورة التي جاءت بهم حكاما ومأتمنين على الشعب السوداني .
أما الطرف الأخر والذي يمثل الرأي المعاكس، يستند الى ضرورة محاكمة البشير داخل السودان كنوع من السيادة والإستقلالية، بجانب التخوفات من مستقبل السودان بعد تسليم البشير .
فالبشير لن يختار الإستسلام، وسيعطي معلومات قد تهدد الإستقرار في السودان على مستوى القيادة، وقد تطالب المحكمة بعد ذلك بالتحقيق مع مسؤولين داخل السلطات السودانية، وهذا سيجر السودان الى حلقة مغلقة من الصراع مع الغرب مرة أخرى وقد يؤدي الى إنقلاب أو عزلة دولية جديدة .
السودان لم ينتهي من فترته الإنتقالية، ولم يضع حتى الأن قدم في الطريق الصحيح نحو التحول الديمقراطي، ويجب على المسؤولين أن يكونوا متفهمين ضرورة إتباع الأولويات التي تمكنهم من الوصول بالإنتقالية الى بر الأمان .
إختيار قيادة ديمقراطية من قبل الشعب السوداني هي الأولوية التي يجب أن يبحث عنها المسؤولين في القيادة الحالية، ولذلك عليهم الإبتعاد عن أي خطوة قد تهدد الإستقرار الغير موجود أصلا حتى اليوم بعد سنتين من الثورة .
العدالة يجب أن تأخذ مجراها، ولكن مستقبل السودان أهم، والخطوة التي يمكن تأجيلها حتى تحقيق الإستقرار يجب دراستها جيدا والعمل عليها دون خسارة، ولكن في قضية البشير الأمر مختلف بعض الشئ، والقرار صعب جدا لما له من نتائج قد تكون كارثية .
