في بدايات شهر أبريل من العام الماضي تمت محاولة اغتيال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، حيث تم التعرض لقافلة رئيس الوزراء حمدوك من قبل مجموعة من المجهولين ولحسن الحظ نجا حمدوك من محاولة الاغتيال هذه على الرغم من حصول اطلاق نار في المكان وتفجير. ولكن اليوم وعلى الرغم من مرور أكثر من عام على هذه الحادثة المنكرة، لك تتكشف أي خيوط ولا مؤشرات حول الجهة المنفذة أو التي أعطت التعليمات للقيام بهذا الاغتيال.
صدم الشارع السوداني حينها، لكن ولسبب ما، فقط نسي الإعلام السوداني هذه الحادثة بسرعة كبيرة، ونسي معه الناس وعامة الشعب هذا، رغم أن حمدوك قد نجا، فهذا لا يعني أن ذلك الحادث يحمل دلالات كثيرة. لكن التكتم وطي الأمر يحمل دلالات أكبر وأهم من الحادث بحد ذاته، فرغم عمل الأجهزة الأمنية التي يفترض بها أن تحمي مواكب الوزراء والمسؤولين، تم اعتراض الموكب، ومن ثم لم تحدث أي تحقيقات جدية حول الأمر ولم تخرج أي نتائج تحقيقات الى النور حتى اليوم.
وهذا الواقع يدعو الكثيرين للتشكيك بجدية التحقيقات أصلاً ويصل الأمر لحد اتهام المكون العسكري ورئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان بالوقوف خلف عملية الاغتيال هذه، فهو يمثل أعلى سلطة في البلاد ويتربع على رأس العسكر، كما أنه في بداية الأمر لم تكن القوى العسكرية ترغب بمشاركة السلطة مع أي من المكون المدني، ونتذكر كيف راح العشرات ضحايا لمتسك العسكر بالسلطة، وبالتالي من المنطقي أن يحاول العسكر أو بعضاَ منهم ازاحة أي شخصية مدنية تريد لعب دور وازن على الساحة السودانية.
فالأمر لا يحتاج للكثير من التحليل والبراهين، انما يكفي أن نسأل من المستفيد، كما أن عدم حصول أي نتائج تحقيقات وعدم وجود أي متهمين الى اليوم يطرح العديد من التساؤلات المشروعة، علماً أن اجراء التحقيقات هو أمر تقوم به الأجهزة الأمنية التابعة بحكم الواقع للمكون العسكري في السودان. ربما هذا ما يفسر توتر العلاقة بين حمدوك والبرهان وعدم وجود تطابق كلي بين مواقفهما حول القضايا المحورية، رغم أنهما يمثلان جناحان لسلطة واحدة.
وبالتالي فان المستفيد الأكبر في ذلك الوقت من اغتيال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، لو تم الأمر لا سمح الله، هم العسكر بالتأكيد، وفي مقدمتهم البرهان الذي لم يرد يوماً مشاركة السلطة سواء مع حمدوك او مع غيره. وبالتالي المؤشرات الأولية تدل على أن العسكر وتحديدا البرهان هم من أكثر المستفيدين نظرياً من اغتيال حمدوك وقتها، وبالتالي هم بمثابة المشتبه به رقم واحد، أما التوافق الذي نراه أحياناً فهو قد يكون اتفاقاً ما من أجل حقن الدماء أو بفضل ضغوط خارجية تريد الحفاظ على درجة استقرار معينة في السودان.